من حماد عن حمدين… بقلم يحيى قلاش حمدين صباحي من أصدقاء ورفاق
العمر الذين جمعتني بهم رحلة طويلة، تقاسمنا فيها جمعيا الهموم والأحلام
وعشق الوطن، ومظاهرات الشوارع وزيارات السجون، اجتهد كل منا بطريقته
وظروفه، اتفقنا أو اختلفنا، لكننا سرعان ما كنا نكتشف أن الهدف والحلم لم
يغادر أحدا منا لحظة.
وبمناسبة احتدام سباق الرئاسة
أرسل لي الصديق العزيز محمد حماد، وهو من بين هؤلاء الرفاق الأقرب إلى
حمدين، مقالا مفعما بالمشاعر الإنسانية والوطنية والحس السياسي.
لذلك أستأذن، وقد أصبحت قضية الانتخابات الرئاسية حديث كل مواطن في مصر، أن يشاركني القارئ مقال حماد ومشاعره.
يقول: وقعت من الضحك حين باغتني
الأستاذ محمود السعدني ـ رحمه الله ـ وقبل أن يكمل سلامه عليَّ قال: هو
أنت يا بني بتكتب في آخر زادك؟ هو أنت لازم تقول كل حاجة في مقال واحد؟
كان هذا هو أحد أهم الدروس
التي وعيتها مبكراً بفضل كاتب عملاق مثل الأستاذ السعدني، تذكرته وتذكرت
صديقه وأبي الروحي الأستاذ محمد عودة، وتساءلت كيف تكون ردود أفعالهما معنا
اليوم ونحن في مراحل ثورة بتروح وتيجي، تعلو وتنخفض، تتقدم وتتراجع، تنهض
وتنتكس، وتمنيت لو أن السعدني بسخريته بيننا، ولو أن عودة بتفاؤله الذي
بغير حدود بين ظهرانينا.
أقول لكم وأمري لله الأستاذ
عودة كان سيؤكد لي بيقين العاشق الولهان أن مصر أخيراً ستربح رئيساً يليق
بها، وأن هذه الثورة لن تنهزم، وأن مصر الجديدة على الأبواب، وأننا سندرك
مصر التي حلمنا بها طويلاً بعد ثورة هي الأجمل والأنبل في تاريخ ثوراتنا
كلها.
أما الأستاذ السعدني فكان سيضحك من كم التفاؤل الذي في كلام عودة، وكان سيوجه كلامه لي قائلاً:
هو أنتم عايزين رئيس؟ ولا لا مؤاخذة عايزين نبي مرسل؟ ـ يا إخوانا دي مش آخر مرة
هاننتخب فيها رئيس.. كلها أربع سنين، يمروا قوام وننتخب واحد غيره، هو أول
ما نشطح ننطح..عايزين كل حاجة في أول رئيس بعد ثورة ما لهاش مثيل في
ثوراتنا اللي قبل كده، عايزينه عادل، وديمقراطي، ومدني، وإسلامي، وطويل،
وكاريزما، ونفسه حلوة، ومننا وعلينا، نعرف نكلمه، وناخد وندي معاه،
وعايزينه عمر بن الخطاب، وعايزينه جمال عبد الناصر، وعايزينه سعد زغلول،
وعايزينه عرابي، وعايزينه أم كلثوم كمان..خلينا المرة دي نجيب رئيس يكون
عادي.. رئيس يصلح لمدة أربع سنوات، مش للعمر كله..عايزينه يكون مسلم
زينا…بيحب المسيحيين زي ما بنحبهم…يعرف ربنا ويخاف منه…مش لازم يكون
إخواني، لكن الإخوان ما يخافوش منه..مش لازم يبقى سلفي، لكن السلفيين ما
يحسوش إنه بره الملة..مش لازم يبقى شيوعي، لكن الشيوعي ما يحسش إنه هاينضام
تحت حكمه..مش لازم يبقى ليبرالي، لكن الليبراليين يعتبروه واحد منهم.
اقتربت منه حتى صار المشهد لا
يضم غيرنا نحن الاثنان وسألته كأني أستفتيه في أمر يهمني رأيه فيه، من تظن
في هؤلاء المرشحين ينطبق عليه كلامك يا أستاذ همس لي باسم أحد المرشحين.
ووجدتني وحيداً تغمرني السعادة
لأنه ذكر الاسم الذي كنت نويت أن أعطيه صوتي.. ليس لأنه صديق العمر الطويل
والجميل..ولا لأنه كما أعرفه مناضل حقيقي من أجل وطنه الذي يعشقه.. ولا
لأنه وهب نفسه للنضال السياسي منذ كان صغيراً وحتى كاد ينهي العقد السادس
من عمره..ولكن لأنه ذاق كل ما يعاني منه شعبنا العظيم، ذاق مرارة السجن،
وذاق عضة الفقر، ويمتاز منذ كنا شباباً بشخصية قادرة على التجميع، ديمقراطي
بالطبيعة، منحاز في كل سلوكياته إلى طبيعة الشعب المصري السمحة، وله فوق
كل ذلك ابتسامة ساحرة تلين القلوب وتستميلها، وقلبه عامر بإيمان صوفي عميق
ويحدوه الأمل في أن الغد يحمل لمصر أفضل ما حلمت به من مستقبل زاهر وحياة
كريمة وعزيزة.
ويشهد الله أنني أقولها
صادقاً: إن حمدين صباحي هو الرئيس الذي يمكن أن يشعر كل مواطن مع نجاحه
بأنه هو نفسه الذي أصبح رئيسا لمصر .. لأنه فعلا واحد مننا، أرجوكم انتخبوا
لرئاسة مصر واحداً منكم.. بل أقول: انتخبوا