القاهرة - لم تستبعد صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، قيام الجيش المصري الذي أبدى بعض قادته تحفظاتهم تجاه "جمال مبارك" بسد الطريق أمامه ليخلف والده.
واعتبرت الصحيفة أن معركة خلافة مبارك لن تكون في الانتخابات ولكن خلف الأبواب المغلقة حيث سيحاول الجيش تأكيد سلطته في البلاد.
ونقلت الـ"نيويورك تايمز"عن مصادر مصرية ومحللين وعسكريين متقاعدين تحفظ الجيش تجاه جمال الذي يعتقد أنه يعد لخلافة والده الذي يحكم مصر منذ 29 عاما والمريض، ولا يتوقع الكثيرون ترشحه لولاية قادمة.
وتقول الصحيفة أنه من الناحية التقنية فالمصريون لديهم القدرة على تحديد الرئيس القادم لمصر في انتخابات عام 2011 لكن أي انتخابات ستجري تعني بالتأكيد فوز مرشح الحزب الحاكم.
وتشير الصحيفة إلى أن قادة الجيش لن يدعموا خلافة "جمال" بدون ضمانات تحافظ على موقع الجيش القوي والمؤثر في شؤون البلاد.
وكان عسكريون متقاعدون انتقدوا الشهر الماضي في رسالة مفتوحة ترشيح مبارك وفي مقابلات مع بعضهم عبروا عن تحفظهم من مسألة الخلافة وتوريث الحكم.
ونقلت الـ"نيويورك تايمز"عن عسكريين ومحللين قولهم أن الجيش لديه الكثير كي يخسره أثناء عملية نقل السلطة من قائد سلاح الجو السابق والرئيس الحالي إلى الابن الذي لا يعرف عن الجيش قدر ما يعرف عن الاستثمارات المالية.
وبعد عقود من الحكم المطلق لمبارك والذي جرد المؤسسات المدنية من سلطتها فان اي فراغ يحدث سيقوم الجيش بملئه.
ونقلت عن مؤلف كتب عن الجيش المصري قوله "أنه لا توجد هناك مؤسسات مدنية في مصر يمكن الاعتماد عليها"، ويضيف أن السؤال يظل مفتوحا حول حجم قوة الجيش التي ربما لا يعرف القادة أنفسهم أنهم يتمتعون بها.
فالمعونات الأمريكية التي تلقتها مصر خلال العقود الثلاثة الماضية والتي تصل إلى 40 مليار دولار لم تعط الجيش السلطة على قوات الأمن فقط والصناعة العسكرية بل أدت لتدخل الجيش في قطاعات الاستثمار المدني مثل قطاع بناء الطرق والمساكن والبضائع الاستهلاكية.
حيث قام الجيش ببناء خط سريع من القاهرة إلى البحر الاحمر، وأنتج مواقد وأجهزة تدفئة وثلاجات وحتى أنتج زيت الزيتون وعلب مياه الينابيع.
وفي عام 2008 عندما اندلعت مظاهر العنف بسبب نقص الخبز تدخل الجيش وبدأ بانتاج وتوزيع الخبز على المواطنين، مما أدى إلى تعزيز صورته كمؤسسة فاعلة وأقل فسادا.
ومع أن أسم قائد الجيش محمد حسين طنطاوي عادة ما يظهر على قائمة المرشحين لخلافة مبارك إلى جانب عمر سليمان، مدير المخابرات إلا أن التكهنات زادت حول جمال مبارك الذي صعد سريعا في صفوف الحزب الوطني الحاكم ورافق والده إلى اجتماعات واشنطن الأسبوع الماضي.
وعبر عدد من قادة الجيش عن غيرتهم من الطريقة التي صعد فيها جمال داخل الحزب بطريقة تم التلاعب فيها بأصوات الناخبين، وتنقل عن قائد متقاعد قوله أنه إن أاراد مبارك الابن الوصول للرئاسة فعليه الفوز "عبر انتخابات نظيفة".
وتضيف الصحيفة أن عدم ثقة الجيش بجمال تنبع من قربه من قيادات الحزب التي تتصدر عالم البيزنس، في حين يرتبط العسكريون بالحرس القديم داخل الحزب الوطني.
وفي داخل لعبة التجارة والمال يبدو الجيش في وضع يخشى فيه على وضعه خاصة أن جمال يعتمد على رجال الأعمال.
ومع تقليل المحللين من إمكانية حدوث انقلاب فان الرئيس القادم أيا كان أسمه عليه نيل ثقة الجيش وتطمينه بأن موقعه غير مهدد.
وتنقل الـ"نيويورك تايمز"عن رئيس تحرير صحيفة مصرية أسبوعية قوله " أن الجيش أثبت حضوره بين الجماهير في ساعة الشدة ولهذا السبب يذهب البعض بعيدا للمطالبة بعودة حكم العسكر" .
وتعتقد الصحيفة أن جزءا من قوة الجيش هو سريته فهو لا ينصاع إلا لأوامر الرئيس ورفض مطالب البرلمان المتكررة من أجل إظهار الشفافية وتقديم ميزانيته.
ولا يعلن الجيش عن أسماء جنرالاته ولا قادته أو حتى حجمه بينما تضعه بعض الأرقام بين 300 -400 ألف جندي.
ولدى الجيش المصري القدرة على التدخل لمنع أي قوة يراها تهديدا، فبحسب أحد قادة الجيش المتقاعدين فالجيش يمكنه التدخل لمنع وصول الإخوان المسلمين للسلطة ولا يزال يتعامل مع إسرائيل باعتبارها العدو الرئيسي على الرغم من معاهدة السلام الموقعة بين البلدين.
ونقلت الـ"نيويورك تايمز"عن القائد المتقاعد قوله "أن القادة سيطيعون أوامر الرئيس لأنه مقبول من الشعب ولن يقبل تدخل الأحزاب السياسية في شؤونه" .
ومع أنه لا يتوقع من الجيش إملاء من سيكون مرشح الحكومة إلا أن لديه "فيتو" غير رسمي على من سيكون في هرم السلطة حسب مراقب للشؤون المصرية، وفي الوقت نفسه لا يرغب قادة الجيش الظهور بمظهر من يؤثر في الحياة السياسية.
المصدر : صحيفة القدس العربي ، مصراوى