المشاركات : 6897 العمر : 36 التسجيل يوم : 07/11/2008
موضوع: البحث عن حسين سالم فى سويسرا الأحد مايو 22, 2011 7:09 am
البحث عن حسين سالم فى سويسرا
فى الظل عاش يحرك الأحداث والشخوص من وراء الستار. قليلون من كانوا يعرفون اسمه وطبيعة عمله ومهامه الحقيقية التى يقوم بها. لا تختلف صورته فى مصر عن سيرته فى سويسرا، فشيمته الغموض. هذا هو حسين سالم، الصديق الأقرب لرئيس مصر السابق مبارك، خزانة أسراره قبل أن يكون مستودع ثرواته ومديرها. ذُكر اسمه على استحياء فى مصر فى عام ١٩٨٦ عبر استجواب فى مجلس الشعب عن صفقات السلاح، ثم عاد اسمه ليتردد بوضوح فى قضية تصدير الغاز لإسرائيل بعد ذلك التاريخ بنحو ٢١ عاماً، لتزداد حول اسمه علامات الاستفهام والشائعات التى لم تنل منه يوماً. هكذا كانت صورته فى داخل مصر، التى لا تختلف عن مثيلتها فى الخارج. حيث تدرك أجهزة المخابرات فى جميع أنحاء العالم أهمية الرجل ومدى قربه من رئيس مصر السابق وتأثيره فى قراراته بحكم الصلة بينهما. ولذا كان زائراً يحمل علامة VIP فى أى مكان يحط فيه.وفى سويسرا كان مكتبه فى أكثر شوارع جنيف التجارية شهرة وعلاقة بالمال. وأمام كل هذا الغموض، الذى يحيط بالرجل الذى بات اسمه على قوائم النشرة الحمراء للإنتربول منذ ١٢ مايو ٢٠١١، حاولنا تقصى سيرته بشكل أعمق ومعرفة بعض تفاصيل حياته فى جنيف والقاهرة.تتعدد أسباب من يقصد جنيف، تلك المدينة القابعة فى الجنوب الغربى لسويسرا، التى حباها الله بهدوء وجمال طبيعى قلما تراه عين. فالكثيرون يفدون لها للسياحة، والقلة للتعلم فى جامعتها التى تعد من أرقى جامعات العالم ويتم اختيار المتميزون علميا فقط للدراسة فيها، والبعض يأتى قاصدا سرية بنوكها ونظامها الاقتصادى الذى يمنحك حرية فعل ما تشاء وفقا للقانون طالما أنك تسدد ما عليك للحكومة من التزامات.وهناك من يأتى لها باحثا عن فرصة هادئة للعيش والاختفاء بعيداً عن أعين تطارده أو أجهزة أمنية تلاحقه. هكذا هى جنيف التى تردد اسمها كثيرا فى الفترة السابقة كمقر لإقامة حسين سالم، أحد أشهر رجال الأعمال والذى ارتبط اسمه باسم رأس النظام السابق الرئيس مبارك عبر صفقات مشبوهة للغاز تم توصيله لإسرائيل، وإدارة أموال رئيس البلاد المخلوع بشكل بات يثير الكثير من علامات الاستفهام. ولذا كانت المدينة مقصدنا فى «المصرى اليوم» بحثا عن ذلك الشبح الذى لا يعرف عنه الكثيرون سوى اسمه.هنا جنيف.. القابعة قرب الحدود الفرنسية مع سويسرا، المحاطة بجبال الألب الشهيرة، والمطلة على بحيرة تحمل اسمها ويطلق عليها سكانها اسم «Lac» أو «لاك»، وتمنح المدينة حالة من الجمال الهادئ بنافورة تعد الأشهر فى أوروبا يصل ارتفاع ضخ المياه فيها إلى ١٤٠ متراً. ليس هذا فحسب بل إنها مقر للكثير من المنظمات الدولية، كالأمم المتحدة، والتجارة العالمية، والعمل الدولية، والصحة العالمية، والصليب الأحمر، والملكية الفكرية وحقوق الإنسان.ولذا فالبحث عن حسين سالم وسط كل هذا وفى مدينة يبلغ تعدادها نحو ١٠٩ آلاف نسمة، يشبه تماما البحث عن إبرة وسط كومة من القش. ولكن كانت البداية من حكايات المصريين الذين يعيشون ويعملون ويتعلمون فى سويسرا ويقدر عددهم بنحو ٣ آلاف مصرى. وتلتقيهم فى الشوارع حين تميز لهجتهم المصرية الواضحة فى الحديث، وإن أردت صحبتهم فاذهب لمقهى يحمل اسم «قهوة المصريين» فى منطقة «لاجار» فيحكون لك بعض ما يعرفونه عن تلك الشخصية.«حكايات المصريين»على شاطئ بحيرة جنيف استوقفنا حديثهما وهما يسيران بهدوء بعد انتهاء يوم عملهما. مينا وهانى.. مصريان جاءا تلك المدينة ويعملان بها منذ ما يزيد على ١٢ سنة. بمجرد معرفتهما بأصولك المصرية يسارعان لتلبية ما تريده. أسألهما عن حسين سالم فيسارع مينا بالرد قائلاً: «رجل المليارات نسمع عنه من صحف القاهرة، ونعرفه هنا بالرجل الغامض. شاهدناه كثيرا فى الفنادق الفخمة. لم يكن يتحدث لأحد ولا نعرف له شلة أصدقاء هنا. لكن هناك مكانان كثيرا ما يتردد عليهما، أولهما فندق (كيمبنسكى)، وثانيهما فندق (لا ريسيرف) فى طريق لوزان».الوصول لفندق «كيمبنسكى» ليس بالأمر الصعب فى مدينة يمكنك التجول فيها سيرا على الأقدام لتقارب شوارعها ونظام المرور بها. يطل الفندق على البحيرة بواجهة زجاجية تعكس إطلالة البحيرة التى يرقد أمامها. وبجواره أكثر من فندق مميز مثل «بوريفاج» و«فورسيزونز». ما إن تجتاز بوابته وتدخل بهوه المميز، حتى تشعر بفخامة المبنى الذى يقع فى ستة طوابق. اقتربنا من مضيفة الاستقبال بالفندق وسألناها عما إذا كان لديهم نزيل باسم حسين سالم. فجاءتنا الإجابة بأنه لم ينزل لديهم شخص بهذا الاسم منذ ٢٨ يناير الماضى، كما أنها ليس لديها حجز بهذا الاسم فى المستقبل. نطلب منها التأكد فتعاود كتابة الاسم على الكمبيوتر لتجىء نفس الإجابة.نترك كيمبنسكى ونتحرك فى اتجاه فندق «لاريسيرف» فى طريق لوزان الهادئة. فنجد أن الفندق الذى يقع بالقرب من طريق زراعى يحيطه الهدوء ليس به نزيل يحمل اسم «حسين سالم». نتعجب ونتساءل أنبحث عن شبح أم أن هناك خطأ فى المعلومات التى قادتنا لسويسرا؟تأتينا الإجابة موثقة من مصدر رسمى موثوق به ومطلع، فضل عدم ذكر اسمه نهائيا، واحترمنا ذلك. قال: «حسين سالم جاء إلى سويسرا بعد اندلاع الثورة ثم تركها وذهب لهولندا، ثم رومانيا التى يمتلك فيها العديد من المشروعات المتعلقة بالفنادق والزراعة والتصدير». وكان هنا فى الأسبوع الماضى، وكان نزيلاً بفندق كيمبنسكى وشاهدته هناك. ولكن ليس من السهل العثور عليه والسبب أنه يحمل جواز سفر إسبانياً أعطته له الحكومة الإسبانية منذ سنوات بعد مساعدته لهم فى إنشاء مصنع لتسييل الغاز فى دمياط. ووفقا لجواز السفر الإسبانى فإن اسم الفرد يكتب بترتيب معين، يبدأ باسم الفرد ثم اسم جده لوالدته ثم اسم جده لوالده، ولذا فالأوراق الرسمية لا تعرف اسم «حسين سالم».تلك إذا الخدعة فحسين الذى بات اسمه ضمن أسامى النشرة الحمراء التى أصدرها الإنتربول الدولى يوم ١٢ مايو الماضى وضمت اسمى رشيد محمد رشيد، وزير الصناعة والتجارة السابق، ويوسف بطرس غالى، وزير المالية السابق، فهو لا يسير باسم حسين سالم. ولكن حاملا بعد اسمه الأول، اسمى جديه للأم ثم للأب. قادتنا ذات المصادر المطلعة للمنطقة التى يعيش فيها حسين سالم فى إسبانيا ويمتلك فيها قصرين، أحدهما له والآخر مقسم بين ابنه وابنته، ويقع القصران فى منطقة «لاموراليخا» الإسبانية. إلا أن ذات المصادر أكدت أن خالد بن حسين سالم جاء لجنيف واستقر بها وقدم لأبنائه فى مدارسها، دون أن تشير لمقر إقامة الابن أو اسم المدرسة.يتحدث المصريون هنا عن بيت حسين سالم، الذى يملكه فى منتجع «اشتاد». وهى منطقة معزولة تحيط بها الجبال وتعد من أبرز المنتجعات الشتوية فى العالم. ويتردد عليها الأثرياء فى الشتاء لممارسة رياضة التزحلق على الجليد، والإقامة فى شاليهاتهم التى يمتلكونها هناك.«شارع دى رون»هنا فى البناية التى تحمل رقم ٧ كان يقع مكتب حسين سالم. الشارع من أهم شوارع جنيف التجارية بل يعد قلب مركز عالم الأعمال السويسرى، حيث يوجد به العديد من المحال التجارية الضخمة، التى تحمل أسماء الماركات العالمية، ويمتد لمسافة لا تقل عن ٣ كيلومترات، بالإضافة لقربه من منطقة سكنية مميزة فى قلب جنيف. يذكرك لحد بعيد بشوارع محطة الرمل فى الإسكندرية فى الماضى بنفس التصاميم المعمارية. بحثنا عن المكتب فى البناية، ولكننا لم نجد له أثرا. وقيل لنا إنه كان وانتهى مع حرص صاحبه على محو أى أثر له.ولكن هذا لا يمنع أن هناك من يتذكر نشاطات المكتب فى عالم التجارة والتصدير والاستيراد. فقد كان المكتب يعمل فى كل المجالات، بترول- غاز- تحلية مياه، وكان يصدر لمصر سلعا استراتيجية، خاصة الأرز والسكر.هنا نتوقف قليلاً عند عمل حسين سالم، الذى تتنوع الحكايات المحيطة به، وتصفه مصادر مطلعة فى سويسرا بأنه رجل أصر على أن يحيط نفسه بهالة من الغموض، ولم يسمح لأحد على مدى سنوات طويلة مضت اختراق تلك الهالة تدعمه فى ذلك علاقاته رفيعة المستوى برؤساء ومسؤولى الدول، التى يذهب لها. ولكن هل هكذا بدأ حسين سالم حياته؟رحلة الصعود فى عالم المالفى الوقت الذى تذكر فيه العديد من المواقع أن حسين سالم ولد عام ١٩٢٨ نفس سنة ميلاد الرئيس السابق، أكدت نشرة الإنتربول، التى صدرت مؤخرا أنه من مواليد عام ١٩٣٣. حياته لم يكن فيها فى البداية أى شىء يثير التعجب أو الدهشة، ولكن تلمح من محطات صعوده وتكرر اسمه فيها، ملامح إنسان طموح للغاية فى كسب المال واقتنائه دون أن يعبأ بأن يكون شخصا معروفا تطارده الأخبار، أو يتولى منصباً كبيراً كما قد يظن البعض، بل على العكس من ذلك تماما فقد أصر على حياة الظل، التى يستطيع من خلالها تحقيق ما يريده من نفوذ وثروة.لا أحد يعلم على وجه اليقين كيف بدأت علاقته بمبارك ومتى، ولكن الشىء المؤكد أن علاقتهما توثقت منذ نهاية السبعينيات، وكان أساس ذلك شركة «الأجنحة البيضاء»، والتى جاء ذكرها فى كتاب المؤلف الأمريكى «بوب وود وورد» بعنوان «الحجاب»، وذكر الكتاب أن الشركة سُجلت فى فرنسا بأربعة مؤسسين هم: منير ثابت شقيق سوزان زوجة مبارك، وحسين سالم، وعبدالحليم أبوغزالة، الذى كان ملحقاً عسكرياً لمصر فى الولايات المتحدة، ومحمد حسنى مبارك الذى كان نائباً للرئيس السادات وقتها. وذكر الكتاب أن الشركة باتت منذ إنشائها المورد الرئيسى لتجارة السلاح فى مصر. وهو ما دفع بالنائب علوى حافظ لتقديم طلب إحاطة فى البرلمان سنة ١٩٨٦ مستنداً لما ورد بالكتاب طالباً تفسيراً للصمت الرسمى على ذلك الإتهام، أو محاسبة من يثبت تورطه فى تلك القضية التى وصفها بأنها إحدى قضايا الفساد، ولكن لم يصدر أى رد رسمى وقتها من مؤسسة الرئاسة.وقتها عرف المقربون من دوائر صنع القرار اسم حسين سالم، خاصة بعد أن لفت الأنظار باستثماراته التى سبقت غيره من رجال الأعمال فى شرم الشيخ. التى يمتلك فيها منطقة خليج نعمة بالكامل تقريباً ومنتجع موفينبك جولى فيل، الذى أنشأ فيه قصرا مميزاً أهداه لمبارك. ولكن لم يلتفت ملايين المصريين لذلك الاسم إلا مع الضجة التى صاحبت صفقة بيع الغاز لإسرائيل.«شرق المتوسط للغاز» تلك هى الشركة التى تولت عقد اتفاقية تصدير الغاز لإسرائيل، أنشأها حسين سالم فى عام ٢٠٠٠، ويمتلك ٦٥% من أسهمها كما تقول الأوراق الرسمية، ولكن ما تقوله الأوراق شيئاً وما تخفيه الأسرار شيئاً آخر. فبعض المصادر تشير إلى أن حسين سالم كان واجهة لإدارة أموال مبارك. أما بقية أسهم الشركة فموزعة بين رجل الأعمال الإسرائيلى «يوسى مايمان» بنسبة ٢٥%، والحكومة المصرية بنسبة ١٠%. وبالبحث تجد أن رأسمال الشركة الاسمى لا يتجاوز مبلغ ٥٠٠ مليون دولار، بينما المدفوع منه لا يزيد على ١٤٧ مليون دولار. كما تجد أن الشريكين المصرى والإسرائيلى باعا حصتيهما عام ٢٠٠٧، أى قبل بدء تصدير الغاز فى ٢٠٠٨ بمبلغ تجاوز بليون دولار، وتم البيع لأكثر من شركة من بينها شركة «AMPAL» الأمريكية، وشركة «PTT» التايلاندية.وهكذا جنى سالم، سواء لحسابه الخاص أو لحساب من يعمل له، أرباحاً فاقت كل التوقعات فى صفقة لم يخسر فيها شيئاً حتى فى تكلفة إنشاء الخط الذى ينقل الغاز من موقعه إلى إسرائيل، لأن الدولة هى التى أنشأت ذلك الخط. وهكذا أيضا لم تستفد مصر من تلك الصفقة أى شىء سوى استنزاف ثروتها الطبيعية ومنحها لإسرائيل بسعر ٢٨ مليار دولار لكمية ١٢٠ مليار متر مكعب من الغاز.القنصلية المصرية فى جنيفشريف عيسى، هو قنصلنا فى سويسرا، رحب بلقاء معنا فى مكتبه بمجرد علمه بأننا من مصر، ولكنه اعتذر عن منحنا أى معلومات لتعارض هذا مع صميم عمله. مكتفياً بالقول إن حسين سالم كان رجل أعمال يتعامل مع القنصلية لإنهاء أوراق رسمية كشأن بقية المصريين، نافيا أن يكون قد اتصل به بعد ثورة ٢٥ يناير رغم كل ما يتردد عن مجيئه لسويسرا.لم يبق سوى سؤال ساذج: تُرى هل منحت الثروة حسين سالم الحصن الذى يستطيع به الآن الاختباء عن عيون من يلاحقونه؟ هل منحته القدرة على أن يورث أبناءه السمعة الحسنة والسيرة الطيبة؟ الإجابة تختلف حسب قناعات كل منا.
أحمد مدحت نـــائب المديـــر
المشاركات : 7998 العمر : 36 التسجيل يوم : 09/11/2008
موضوع: رد: البحث عن حسين سالم فى سويسرا الثلاثاء مايو 24, 2011 3:26 am