كتب - سامي مجدي وعلياء عاطف:
تصدرت منطقة العباسية المشهد المصري على مدى اليومين الماضيين، لما شهدته
من أحداث ومواجهات طاحنة بين مصريين ومصريين اختلفوا في الآراء وانقسموا
على أنفسهم ولم يستطيعوا أن يتحاورا ليصلوا إلى نقطة تلاق تقي أم الدنيا شر
الفتن التي يمكن أن تأتي على اليابس قبل الأخضر في بلد يسعى لبناء نفسه من
جديد بسواعد أبناءه.
“موقعة العباسية''.. كما يحلو للبعض أن يطلق
عليها، خلفت ورائها أكثر من 300 جريح – وفقا لرواية شهود عيان من المتظاهرين وبعض أهالي المنطقة –
فيما قالت الرواية الرسمية أن الاشتباكات
الدامية أوقعت 298 جريح فقط، تلقى أغلبهم العلاج بالمستشفيات
وخرجوا فيما ما يزال البعض قيد الرعاية الطبية.
الجميع اتفق –
متظاهرون وأهالي - على استنكار ما جرى من اشتباكات، معبرين عن استيائهم
الشديد لما يجري في البلد وحالات الاستقطاب بين القوى السياسية، وطالبوا
الجيش، ممثلا في المجلس العسكري الحاكم، بأن يتحمل مسئوليته تجاه البلد
والثورة، وأن يكون أكثر حزما ولا يقف ''سلبيا'' تجاه الاعتداء على
المواطنين من قبل مواطنين آخرين، بجانب وضع جدول زمني محدد لتنفيذ مطالب
الثورة ومحاكمة قتلة المتظاهرين أو الفاسدين؛ وإن شدد معتصمو التحرير على
ضرورة إقالة حكومة الدكتور عصام شرف ''بعد فشلهم في تنفيذ مطالب الثورة'' -
على حد قولهم – والتحقيق الفوري في ''الاعتداء عليهم''، ممن وصفوهم بـ
''البلطجية ومثيري الشغب''.
يقول الدكتور محمد سمير عبد الفتاح عميد
المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها، وأحد قاطني العباسية، ''إن هناك
مخطط منظم لهدم الدولة بأكملها.. فهؤلاء الذين جاءوا مساء الجمعة ومساء
السبت ليسوا من الثوار الحقيقيين الذين قاموا بثورة 25 يناير''، وهو ما
نفاه معتصمين بميدان التحرير – في تصريحات لـ ''مصراوي'' صباح السبت والأحد
- وأكدوا أنهم نزلوا من أول أيام الثورة في الشوارع ولم ولن يتخلفوا عن
أية مظاهرات ومسيرات طالما لم تتحقق المطالب التي نزل الشعب من أجلها، ودفع
في ذلك دماء ''الشهداء والمصابين''.
وأشار الذي يمتلك مركزا لكتابة
الرسائل العلمية بحارة السوق القديم المطلة على ميدان العباسية – في حوار
قصير من على مقهى شعبي بالعباسية - إلى أن أهالي وشباب المنطقة هم من تصدوا
للمسيرة المناوئة للمجلس العسكري الحاكم التي كانت في طريقها لوزارة
الدفاع، وأجبروها بالتعاون مع قوات الجيش التي أغلقت الميدان في وجه
المسيرة، على أن تعود أدراجها للتحرير في اليوم الأول (يوم الجمعة) دون أن
تقع أية اعتداءات أو إصابات. وهو الأمر الذي أكده أسامة الحكيم، أحد
المعتصمين بالتحرير والطالب بكلية هندسة عين شمس، حيث قال ''الأهالي لم
يعتدوا علينا، في اليوم الأول، إلا أن مسيرة السبت شهدت اعتداءات بالجملة
علينا (المتظاهرين) رغم أننا كنا في مسيرة سلمية ونعتزم العودة للميدان مع
السابعة مساء (السبت)''.
وعلل سمير الذي كان يجلس وحوله بعض الأهالي
البسطاء الذين بدوا متأهبين لـ ''صد أي مظاهرات ومسيرات تأتي من التحرير
للمجلس العسكري'' - كما أكدوا – منع المسيرة لاعتقادهم ''أن من يقومون
بتلك الأفعال في ذلك الوقت الحرج يريدون هدم الثورة''.
وقال الأهالي
إنهم ''لم يعتدوا على المتظاهرين في اليوم الأول واضطروا للتعامل معهم بعنف
في مسيرة اليوم التالي (السبت) بعد استفزازات وتعدي من جانب بعض
المتظاهرين''، على حد قولهم. واتفق الأهالي أيضا على أن هناك مجموعات
''مجهولة'' – قيل إنهم ''بلطجية'' - انضمت للاشتباكات في جانب الأهالي،
وهاجموا المشاركين في المسيرة بما ضاعف من عدد الجرحى''.
وشدد أهالي
العباسية على دعمهم ومسانداتهم الكاملة للقوات المسلحة، ضد أي جماعات
خارجية كان أم داخلية تريد زعزعة أمن واستقرار مصر. وقال الدكتور محمد سمير
عبد الفتاح عميد المعهد العالي للخدمة الاجتماعية ببنها ''هناك جماعات ضغط
خارجية كلنا نعرفها عربية وغربية لا تريد تأسيس ديمقراطية حقيقة في مصر
لعلمها أن عودة مصر لدورها الحقيقي سيؤثر على مصالحها الخاصة، كما أن هناك
جماعات ضغط داخلية تعمل وفق أجندات خاصة ولا تريد أن تستقر الأوضاع في
البلاد''.
وذكر الرجل بالاسم ''حركة شباب 6 ابريل وجماعات دينية متشددة''، مطالبا
بالكشف عن الجماعات والحركات التي تلقت أموال من الولايات المتحدة التي قيل
أنها ضخت 40 مليون دولار لمنظمات وجماعات حقوقية مصرية تحت شعار ''دعم
الديمقراطية''.
الأمر الآخر هو أن القوات المسلحة ممثلة في الشرطة
العسكرية كانت تستعد بكل قوة لمنع المسيرة من الوصول، حيث جاءت أتوبيسات
محملة بجنود الشرطة العسكرية ومعهم ''هراوات خشبية جديدة''، انتظارا
للمتظاهرين، إلا أن الأهالي أكدوا أن الجيش ظل ملتزم ''الحياد'' ولم يتدخل
إطلاقا حتى لفض الاشتباكات بين الأهالي ''والمجهولين'' والمتظاهرين، الذين
استنكروا موقف الجيش ''السلبي'' على حد قولهم.