اعتبرت روسيا حائط الدفاع الصاروخي الذي قررت الولايات المتحدة إنشاؤه في بعض دول اوروبا الشرقية تهديدا لأمنها القومي ، و يستوجب تطوير الانظمة الاستراتيجية الروسية لأجل الحفاظ على التوازن الاستراتيجي مع واشنطن . لأجل هذا أجرت روسيا في
29 مايو و
25 ديسمبر من العام الماضي تجربتين ناجحتين لاطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات متعدد الرءوس التدميرية أطلق من قاذف محمل على شاسية مركبة متحركة و نجح في بلوغ أهدافه على مسافة (
5500 ) كم . تقول موسكو ان هذا الصاروخ الحديث الذي حمل الاسم (
RS - 24 ) ، يسلح بعدد ما بين (
6 -
10 ) رءوس تقليدية او نووية . و يتعدى مداه (
10 ) آلاف كيلو متر ، و يمكن اطلاقه من قواذف متحركة في البر أو من القطع البحرية العائمة او الغاطسة . و الاهم انه قادر على اختراق اي حائط صد أو منظومة مضادة للصواريخ بما فيه تلك التي يشيده البنتاجون في أوروبا . و قد خططت روسيا لإحلال هذا النظام محل انظمتها الصاروخية الباليستية العابرة للقارات القديمة ، خلال الفترة من تاريخ دخوله إلى الخدمة الفعلية و حتى عام
1950 . و سيحل محل كل من الطراز (
RS - 18 ) الذي يطلق عليه حلف شمال الاطلنطي الاسم (
SS - 19 Stiletto ) ، و الطراز (
RS - 20 ) الذي يسميه حلف الناتو (
RS - 18 Satan ) يشار إلى الصاروخ الروسي الحديث (
RS - 24 ) بالاسم (
Yars ) و سيخضع طبقا للخطة إلى (
5 ) تجارب إضافية منها تجربتان خلال العام الحالي ، و ذلك قبيل انضمامه الى الخدمة الفعلية و المتوقع ان تكون في عام
2009 .
يبلغ طول الصاروخ (
22.7 ) متر و يعمل من خلال ثلاث مراحل للدفع الصاروخي ، وتعتمد محركاته الثلاثة في عملها على الوقود الصلب . يقول الروس ان موسكو تدخل بموجب هذا الصاروخ إلى جيل جديد من الصواريخ الباليستية عابرة للقارات ، فهو قادر على - بالتتابع - حتى (
10 ) اهداف معادية متفرقة و بمسافات متباعدة للغية تفصل بينها . و هو ما يعرف بالراس المدمر (
MIRV ) التي تعني حمل صاروخ واحد لعدة رءوس تكون غالبا نوويا ، لاستهداف مجموعة أهداف معادية خلال قصفة واحدة . كل رأس منها قادر على إحداث تدمير كامل للهدف المعادي المستهدف ، في محيط انفجارها التي يقدر بكرة قطرها (
4 ) كيلومترات من مركز التفجير الذي يكون فوق سطح الارض . و يقوم الصاروخ أثناء مروره خارج الغلاف الجوي بمهاجمة كل هدف على حدة ، عن طريق انفصال الرأس أو الرءوس المخصصة لهذا الهدف عند منطقة الاقتراب ، لتدخل إلى الغلاف الجوي وحدها . مع استمرار طيران الصاروخ خارج الغلاف الجوي حتى آخر هدف مبرمج لتدميره بما يعني صعوبة كشف هذه الرءوس التدميرية صغيرة الحجم ، أو حتى مهاجمتها خلال الوسائل المضادة في الزمن القصير جدا خلال تواجدها في الغلاف الجوي . و تؤكد المصادر المخصصة ان موسكو و واشنطن فتحتا الباب من جديد على مصرعيه لبدء مرحلة جديدة ستعود بالعالم إلى حقبة الحرب الباردة . و ذلك من خلال الخطوة التي أقدمت عليها الولايات المتحدة بإنشاء حاءط الدفاع الصاروخي في اوروبا الشرقية ، ورد فعل روسيا عبر العودة العلنية لبحوث صواريخه الاستراتيجية عابرة للقارات . و اسهم في ذلك أيضا ما أعلنته الولايات المتحدة خلال شهر أبريل الماضي ، من رغبتها في توسعة حلف شمال الأطنطي ليضم دولا من الاتحاد السوفيتي السابق . مما دفع موسكو للتلويح باتخاذ اجراءات عسكرية على حدودها ، للحيلولة دون انضمام تلك الدول التي جاءت جورجيا على رأسها . فهل تسليح الغواصات الروسية بالصاروخ الحديث (
RS - 24 ) سيعقد الوضع بين موسكو و واشنطن ؟ هذا ما ستصفح عنه السنوات الأولى من العقد الثاني لهذا القرن .