عقود من الضحك_الملخص الوافي ف نوادر القذافي

مواقف القذافى ونوادره لاتعد ولاتحصى.. فعلى مدى أربعة عقود كاملة لم يغب العقيد الليبى عن الساحة سواء بأفعاله أو أقواله ومؤلفاته وحتى مواقفه من القضايا الحيوية فى الشرق الأوسط، وهى كلها (مأثورات !!) لن ينساها العقل العربى والتى كانت مزيجاً من الفكاهة والضحك المر.. حاولنا من خلال السطور المقبلة أن نقدم ملخصاً وافياً لأهم محطات هذه النوادر فى حياة الشعب العربى بل والعالم أجمع.
ولكنه قبل رحيله لم يفته أن يطلق مصطلحاً خالداً وهو (دار.. دار.. بيت.. بيت.. زنقة.. زنقة.. من أنتم !!) والتى كانت الجملة التى تداولها الكبار والصغار بطول المنطقة العربية وعرضها.
ولعلنى لن أنسى أبداً أحد أبرز نوادر العقيد وكانت مع مجلتنا (صباح الخير) قبل أكثر من 10 سنوات وقد حكاها لنا الزميل الأستاذ رشاد كامل رئيس التحرير الأسبق ومدير التحرير فى ذلك الوقت حيث عرض وقتها موضوعاً عن حكايات القذافى مع مؤتمرات القمة العربية ملخصها يقول أنه أثناء أحد المؤتمرات فى المغرب وعند دخول العاهل المغربى الراحل الملك الحسن الثانى إلى القاعة الرئيسية قام أحد رجال القصر بالانحناء وتقبيل يد الملك وكان هذا من طبائع الأمور فى المملكة المغربية باعتبار الملك هو خليفة المسلمين وهنا صاح العقيد القذافى بما يعنى أمسكوا هذا الرجل إنه يعيدنا إلى عصر العبودية والتى تخلصنا منها جميعا، مما سبب حرجاً بالغاً لكل الزعماء الحاضرين وهنا تدخل الزعيم الراحل جمال عبدالناصر لفض الاشتباك الذى أغضب الحسن جداً.. وبعد نشر الموضوع اتصل أستاذنا رءوف توفيق - رئيس التحرير وقتها - برشاد كامل ليخبره أن رئاسة الجمهورية تلقت رسالة غاضبة باستياء العقيد مما نشرته الصبوحة حتى إن مصر أرسلت وزير الإعلام - فى ذلك الوقت - صفوت الشريف للعاصمة الليبية طرابلس لتهدئة الأجواء والاعتذار عما نشر تخوفاً من تصرفات القذافى غير المحسوبة تجاه العمالة المصرية بليبيا.. وكان هذا مؤشراً لما يمكن أن يقدم عليه العقيد بعد ذلك فى كل مؤتمر يحضره، وليس بعيدا عن الأذهان التلاسن الشهير مع العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبدالعزيز فى مؤتمر شرم الشيخ قبل سنوات قليلة والذى كان حديث العالم كله.. أضف إلى ذلك الأفعال الغريبة التى تراوحت ما بين اصطحاب ناقته وخيمته الشهيرة ونصبها فى باحة القصر وبين التصريحات والأقوال التى كان يعلنها فى كل جلسة ومنها إلقاؤه ميثاق الأمم المتحدة - قبل عام تقريباً - لرئيس الجلسة طالباً منهم قراءته مرة أخرى!!
الانتحار الجماعى للفلسطينيين!
وإذا بدأنا من قضية العرب الأولى أى القضية الفلسطينية فنالت من اهتمامه الكثير والكثير ولعل أشهر مواقفه عندما دعا الثوار الفلسطينيين أثناء حصار بيروت - عام 1982 من جانب القوات الإسرائيلية - إلى الانتحار الجماعى.. بل إنه لم يتورع عن وصف الرئيس ياسر عرفات أنه مجرد «عريف فى الشرطة الإسرائيلية» وكل دوره هو حماية إسرائيل، كما طلب منه «أن يأتى للعمل فى ليبيا بدلا من عمله فى الشرطة الإسرائيلية وأنه لو حضر إلى ليبيا فإنه لن يستقبله!!
وأيضاً لا يفوتنا موقفه الأشهر من الفلسطينيين عندما اخترع (إسراطين) اختصاراً لضم إسرائيل فى فلسطين كما جاء فى الكتاب الأبيض - فهو غاوى ألوان - كما طرد كل فلسطينى يعمل فى ليبيا وألقى بهم على حدود مصر، خدمة منه للقضية الفلسطينية ومناصرتها ضد التوطين خارج بلادهم، ولما رأى أن النزاع بين العرب وإسرائيل يدور حول المسجد الأقصى اقترح بناء مسجد شبيه بالأقصى فى الصحراء الليبية أو فى آلاسكا بأمريكا الشمالية.
وأما ما حدث من القذافى مع السادات فيعرفه أهل البلدين جيدا، وذلك مما حكاه السادات عنه حين اعتمرا معاً ووجده يسابقه فى الهرولة والسعى، ليؤكد بأنه الأصغر والأقوى والأحق بحكم البلدين بوصفه الأمين على القومية العربية كما وصفه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
فى عام 1988 بات العقيد الليبى على طريق كتابة كلمات الأغانى.. حتى إن صحيفة الإعلام التونسية ذكرت أنه وضع طائرة خاصة تحت تصرف الملحن التونسى المعروف عدنان الشواشى ليسهل انتقاله بين تونس وبين المدن الليبية التى يتواجد بها القذافى.
فى يوم30 مايو عام 1993 أعلن القذافى أن الحج هذا العام سيكون للقدس لا لمكة!! وحجته فى ذلك أن مكة أصبحت محتلة من قبل الأمريكان!
كما أمر بإلغاء مهنة المحاماة، كما ألغى أيضا مهنة الحلاقة لأنها فى نظرة مهنة لاتفيد تجاريا وتم إغلاق جميع محال الحلاقة واضطر الرجال لحلق شعورهم بأنفسهم أو الاستعانة سرياً بحلاق بعيداً عن أعين رجاله.
وفى تعليق لعبدالرحمن شلقم أحد أبرز الدبلوماسيين فى عهد العقيد وشغل العديد من المناصب منها سفير ليبيا لدى إيطاليا ومندوبها فى الجامعة العربية ثم وزيراً للخارجية وصولا إلى مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة - والذى أعلن منها انشقاقه على نظام العقيد مع بدء الثورة الشعبية فى فبراير الماضى - قال فى مقابلة بثتها أخيراً قناة العربية الفضائية إن العقيد كان لا يرى إلا نفسه وهو لا يحب الرؤساء الذين يفوقونه فى الطول ولذلك فهو - شخصياً - يتحدى أن يعرف أحد شكل الحذاء الذى كان يرتديه فقد كان فى الأغلب الأعم يرتدى أحذية بكعب عالى ويلف نفسه بعباية بدوية أو أفريقية حتى لايرى أحد شكل حذائه!
البيت لساكنه
كما طالب أيضاً ب «الزحف» الثورى على المؤسسات والبيوت تطبيقا لمقولته الشهيرة «البيت لساكنه»
ومن ضمن ما يحكى عنه أنه لما خرج على الشعب زعيماً كان مفتوناً بالزعيم الراحل عبدالناصر وبهذا التصفيق والترحيب الحار من الجماهير، ولكنه لما خرج يخطب فى الناس لم يصفق له الليبيون فكان يصرخ فيهم فى نهاية كل فقرة ثورية حراقة (صجفوا يا بجر) أى (صفقوا يا بقر)، ويقولون إنه استشار فيدل كاسترو الزعيم الكوبى عن فتور لقاء الجماهير له فاصطحبه كاسترو إلى مزرعة للدواجن ولما دخلا على الدواجن لم تحرك واحدة منهن ساكناً، فأمر كاسترو العمال بمنع الطعام عنها لأيام ثم عاودا الكرة زائرين فإذا بالدواجن مع أول حركة لفتح الباب يطيرون عليهما، فضحك كاسترو ناصحاً للقذافى: أرأيت.. جوع شعبك يعبدك. وذات مرة قام أخ ليبى يسأله: الأخ العقيد.. كيف تحكمنا؟
ومرة دخل القذافى لحضور مباراة لكرة القدم بوصفه رئيساً للدولة، فإذا به يترك المقصورة الرئيسية ليتجه مباشرةً إلى مدرجات المتفرجين رافعاً عصاه وهو يجرى وراءهم صارخاً: كلوا ينزل يمارس (الرياظة) أى الرياضة، ونزل الناس وفشل اللقاء.
كتاب مثل البطيخة!
أما عن نوادر الكتاب الأخضر الذى جنن الدنيا به وطبعاً ليبيا أولهم، فقد وصفه مرة الرئيس السودانى الأسبق جعفر نميرى بأنه (كتاب مثل البطيخة أخضر من بره أحمر من جوه) وذلك لأن أفكاره مسروقة من الاشتراكية.
وهو من أطلق على دولته أطول اسم تطلقه دولة على نفسها وهو الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى، ولم لا فهو من هزم أمريكا عام 1986 عندما فشل اعتداؤها على بلاده وهى أعظم دولة وبذلك تستحق ليبيا لقب (العظمى) وليس خفياً على أحد أن القذافى كان الوحيد بين رؤساء الجمهوريات العربية بعد الرئيس التونسى الراحل الحبيب بورقيبة والعراقى الراحل صدام حسين الذى يضع صورته على البنكنوت من فئة الدينار الليبى فى الوقت الذى لم يفعل فيه ذلك الملوك فى بعض الممالك والإمارات العربية!
تذكرت الآن كم كنت عجيباً عندما طلبت من شقيقتى التى ذهبت إلى زوجها فى ليبيا لتعيش هناك 7 شهور فقط أن تسأل لى على فرص عمل للصحفيين فى الصحافة الليبية وكان ذلك قبل عام ونصف تقريباً حينما أحسست وقتها إننى أحتاج أن أبتعد عن القاهرة لفترة طويلة ليس بحثاً عن المال فقط ولكن فى محاولة للبحث عن نفسى بعدما تيقنت أن الأمور فى مصر تسير نحو الأسوأ خاصة فى مؤسساتنا الصحفية القومية.. ولكننى فوجئت بها تقول لى إن هذا البلد خارج سياق الزمن ولن تحتمل الأوضاع فيه وفعلا عادت هى وزوجها الذى يعمل هناك منذ 3 سنوات ولا عمل له بمصر - ولكنها عادت فعلا- والطريف أننى فى نفس الوقت سألت زميلى العزيز نبيل صديق وكان وقتها عائداً لتوه من ليبيا ضمن الوفد الصحفى المصرى الذى ذهب للجماهيرية مع هيئة تنشيط السياحة المصرية: لماذا لم تكتب ملاحظاتك عن هذه الرحلة إلى جانب ما سجلته عن الزيارة الرسمية؟!. فنظر لى ضاحكاً وقال: هل تريدنى أن أكتب اليوم عما شاهدته لأجد آلاف المصريين غداً على الحدود بسبب مقال.. ياراجل حرام عليك!!!.. ولا تعليق.
لقد توقع العقيد الثورة على غيره من الرؤساء العرب ولكنه لم يتوقعها أبداً ضده، حيث أكدها فى عدة لقاءات تليفزيونية إلى أن وثقها فى كتابه «الفرار إلى جهنم» حين قال: «إن طغيان الفرد أهون أنواع الطغيان، فهو فرد فى كل حال تزيله الجماعة ويزيله حتى فرد تافه بوسيلة ما، أما طغيان الجموع فهو أشد صنوف الطغيان فمن يقف أمام التيار الجارف، كم أحب حرية الجموع وانطلاقها بلا سيد وقد كسرت أصفادها وزغردت وغنت بعد التأوه والعناء ولكنى كم أخشاها، فأنا أحب الجموع كما أحب أبى وأخشاها كما أخشاه».
ولكنك - سيادة الرئيس - هل تعتقد أن هذه الجموع التى تحدثت عنها تحبك حقاً أو حتى بادلتك هذا الحب من الأبناء إلى الأب.. ماحدث فى سرت هذا الأسبوع إجابة شافية للتاريخ ولباقى الزعماء العرب المناضلين!!